التعقيب على محاضرة (الأحكام الشرعية في الحياة الجامعية) ضمن مشروع فطرة.

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نتمنى ان تبينوا لنا ما جاء في محاضرة (الأحكام الشرعية في الحياة الجامعية)  التي قدمها الدكتور عصام المراكشي، والتي أباح فيها الاختلاط.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
بارك الله فيكم.
لقد سبق أن نبهنا على خطورة ما يسمى بمشروع فطرية حتى قبل انطلاقه، لما نعرفه مسبقا عن منهج  أصحابه. وقد جاءت المحاضرة الأولى لتؤكد تلك المخاوف، فكانت البداية إعلانًا عن تأصيل للاختلاط وتوطئة للنسوية الباردة، ومن المتوقع أن تكون المحاضرات اللاحقة أشد شراسة، لمعرفتنا بمقاصدها. وهذه أبرز المسائل التي يمكن نقاشها : 

1. افتتح المحاضر كلامه بأن الأمة تعيش قضايا أهم من الصراع في موضوع الاختلاط. (02.03).
وهذا تناقض منهجي،  لأنه يناقض ذات المشروع الذي أقيم أصلًا لأجل الاختلاط! فلو كان الأمر غير ذي أهمية كما يزعم، لما خُصصت له محاضرات.

2. صرح أن الاختلاط هو التلاصق وهو حقيقة الاختلاط المحرم، أما مع تباعد الأجسام فالأصل فيه عدم التحريم، كذا قال (41.85). 
فإن كان كذلك فلم الحديث عن الضرورة؟. هل يراد ضرورة الالتصاق؟!.  وهذا حقيقة تحريف لمفهوم الاختلاط، فالاختلاط شرعا يراد به اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد مدة ترفع الكلفة، أما التلاصق فليس محل البحث أصلا. وراجع كتابي [الاختلاط، أدلة التحريم والرد على المبيحين (ص 7)]. 

3. صرّح المحاضر أن "الاختلاط ضرورة من أجل المكانة الاجتماعية" (11.40). 
وهذا يولد شعورا بالدونية لدى المسلمة، وإلغاء لقدرها كأم ومربية وصانعة أجيال. بل هو قلب للفطرة، إذ الأمومة أشرف مكانة، ومن هجرها بحثًا عن وهم المكانة الاجتماعية ضيع رسالته. ثم رجع وتحدث عن الهامشية (34.29). وذكر أن أغلب من هجر المدرسة  (26.44) منبوذ يعيش الفاقة، وهذا يكذبه الواقع.

4. الاختلاط واقع لذا لا يمكننا تغيره، فدعوة ترك الاختلاط فكرة مشرقية. 
وهذا لا يصح، ففتاوى علماء المغرب صريحة مشهورة في تحريم الاختلاط، وقد سبق لي سرد كلام علماء المغرب في [الاختلاط، أدلة التحريم والرد على المبيحين (ص34)] ولا يخفى أن المغرب كان في تاريخه أكثر محافظة على الفصل بين الجنسين من كثير من بلاد المشرق. صحيح أن بعض البلدان لا يوجد فيها اختلاط وأن الرد من أجل حفظ الأصل، لكن هذا لا يعني عدم الدعوة لترك الاختلاط ومحاولة تغيير الواقع.

5. ادعى أن "الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان"(10.20).
وهذا صحيح في باب الفتاوى الاجتهادية المبنية على المصالح، لكنه لا يصدق على الأحكام الشرعية القطعية؛ فالاختلاط حكم ثابت لا يتغير باختلاف الأزمنة والأمكنة، ولا بين المشرق والمغرب. نعم، قد يُرخَّص فيه للضرورة في حالات محدودة معينة، لكن لا يغيّر ذلك أصله الثابت.

6. كرر المحاضر كلمة "ضرورة" دون بيان معناها الشرعي.
فالضرورة عند الفقهاء هي بلوغ حدٍّ لو لم يرتكب الإنسان الحرام لهلك،  فلم نقرأ على قبر: ماتت لأنها لم تختلط.
وأما الحاجة فهي ما دون الضرورة، ولا تنزل منزلتها إلا بشروط، منها: تحقق الحاجة، وانعدام البدائل، وتقدير الحاجة بقدرها. وهذه كلها غير متوفرة في دعوى الاختلاط:
فالاختلاط نفسه ضرر، وليس حاجة.
والبدائل موجودة، مثل التعليم  عن بعد.
والحاجة لا يمكن أن تمتد لغاية تحقيق مكانة اجتماعية موهومة.

7. فبما أن الرجل يختلط فمن حق المرأة أن تختلط كذلك (29.00). 
وهذه مقاربة خاطئة، جعلت الخطاب الشرعي يتوجه لإقناع المرأة أنها ند للرجل. فالعمل هو مكان الرجل الطبيعي عكس المرأة، والرجل فعلا مطالب بالنفقة عسكها، وما يذكر من استثناءات لا يعد أصلا، فحق المرأة في الاختلاط ليس قاعدة، وإنما استثناء يتحقق بضوابط الضرورة، وليس لمجرد المساواة بالرجال.

8. منعُ الاختلاط متعذر لأسباب سياسية واقتصادية (12.28). 
وهذا مجرد وهم حقيقة، ودليله أنهم هم أنفسهم لما أتيحت لهم الفرصة أنشؤوا  قديما مؤسستين مختلطين (مودة ويقين). 

9. أصل الافتتان بين الجنسين حقيقة، وأنه لا توجد صداقة بينهما ثم صار يذكر ضوابط وهمية(37.47).  
إن كانت الضوابط معتبرة فلم لا توجد صداقة بينهما بالضوابط كذلك؟!. وراجع بيان الجانب الفطري عند كل من الرجل والمرأة. [الاختلاط، أدلة التحريم والرد على المبيحين(ص1)].

10. تغطية الوجه غير واجبة على الراجح  وهو مذهب الجمهور(43.14).  
مع أن النقاب واجب عندهم جميعا في زمن الفتنة. راجع: [رسالة في حكم النقاب (ص 8)]

11. حجاب اليوم مجرد ثوب دون استقامة (45.27).
 وهو كلام طيب لكن الاختلاط أيضا مما يسيء للحجاب، بل يقدم مفهوما خاطئا حذر منه هو نفسه، فهو يعرضها للفتنة والنظر المحرم والإحراج بل والوقوع في الحرام مع طول المكث.

12. الرجل القوام قليل في زماننا (30.09) ثم صار يخوف النساء من الرزق ومن المستقبل بذكر حالات.. ولو  أردنا المضي بهذا المنطق، فقد تدرس ولا تعمل، وقد تعمل وتتوقف!.

13. الرسالة الدعوية مهمة للفتاة لذا أباح لها الاختلاط بحجة العمل الدعوي(51.56).  ومنع عليها الخروج في المظاهرات في المقابل. 
وهذا  عمل ثان غير مضطرة إليه، فإن كانت تضطر للدراسة للمكانة الاجتماعية، فهل هي مجبرة على الاختلاط للدعوة؟!.

د. قاسم اكحيلات.