الطلاق وفق مسطرة الشقاق
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم طلاق الشقاق الذي يجري اليوم؟ فقد التبس علي الأمر، أوليس هو نفسه طلاق الضرر وللقاضي الحق في التطليق؟ علمونا بارك الله فيكم.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
بيان أمر طلاق الشقاق المعمول به اليوم يكون في نقاط:
-الطلاق بيد الزوج في الأصل، فقد قال ربنا:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: 49]. وقال :﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: 1]. فهو صاحب الحق، ولا يحل لأحد أن يعتدي على حقه ولا يجوز إكراهه على الطلاق.
-يجوز للقاضي أن يطلق في حالة واحدة وهي الضرر، ولا بد أن يثبت عند القاضي وجود ضرر لا أن يكتفي بدعواها، فلا بد من دلائل على وجود ضرر كالإقرار أو الشهادة أو ذيوع ذلك بين الناس. كما يجب أن يكون الضرر حقيقيا، كسوء العشرة أو عدم النفقة أو ترك الوطء. وطلاق القاضي يكون طلاقا بائنا بينونة صغرى إلا الطلاق على المولي والإعسار بالنفقة.
-وفي حال عدم تطليق الرجل لزوجته، وفي حال عدم وجود ضرر فعلي، كأن تكره المرأة زوجها بسبب دمامته وتخشى وقوعها في الحرام، يجوز لها الخلع، عن ابن عباس :«أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي ﷺ، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله ﷺ: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله ﷺ: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة». [صحيح البخاري (7/ 47 ط السلطانية)].
أما طلاق الشقاق الذي نصت عليه مدونة الأسرة كما في المادة [94-97] فإن عرضناه على ما ذكرنا فهو لا يشترط فيه قبول الزوج ولا يشترط تلفظه بالطلاق، ويطلقها القاضي ولو لم يكن بها ضرر، فالقاضي يطلقها لمجرد أنها تريد ذلك حتى لو رفض الزوج ولم تثبت ضررا بها، ولا يعد خلعا كذلك.
فمن ترى وجود سبب للطلاق، فإنها تطلبه من الزوج، فإن امتنع تطلقت للضرر الثابت، وإلا اختلعت، مع تدخل أهل الفضل والحكمة في مثل هذه المسائل ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) ﴾ [النساء: 35].
ويجب على المسلمين البقاء في تواصل دائم مع أقرب العلماء لهم، والسؤال عن جميع معاملاتهم قبل الإقدام عليها، ونخص بالذكر من اشتهر بالفتوى والعمل عليها، فهم أكثر الناس اطلاعا من غيرهم، ونحذر من استفتاء الدعاة ممن يظهر على لسانهم العلم وهم ليسوا كذلك.
المجيب: د. قاسم اكحيلات.