حكم استعمال الستائر
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا بارك الله فيكم. أريد أن أسالك عن حكم هذه الستائر التي تكون زيادة عن مقاس النافذة؟. سمعت أحد الأساتذة يقول لا تجوز و ذكر حديث جابر مع زوجته، وبحث فوجدت الشيخ العدوي يقول هي مكروهة و ليس منهي عنها. فلو تكرمت أن توصخ لي الحكم وجزاكم الله خيرا.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
الخلاصة :«إذا كانت الستائر من أجل الفخر والخيلاء فهي محرمة، وإن كانت من أجل الوقاية من البرد وستر العورات فهي مباحة. أما دون ذلك ولا حاجة ولا خيلاء، فحكمها الكراهة».
هذه الستائر التي تراها اليوم هي من علامات نبوة النبي ﷺ، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ :«هل لكم من أنماط؟. قلت وأنى يكون لنا الأنماط!. قال أما إنه سيكون لكم الأنماط، فأنا أقول لها -يعني امرأته- أخري عني أنماطك، فتقول ألم يقل النبي ﷺ، إنها ستكون لكم الأنماط فأدعها». [صحيح البخاري (4/ 205)]. والأنماط جمع نمط بساط لطيف له خمل، يجعل فراشا وعلى الهودج وكذا يكون ستارا. [شرح النووي على مسلم (14/ 59)]. وبهذا الحديث استدل من أباح ستر الجدران بالستائر والورق ونحوه لإخبار النبي ﷺ أنها ستكون.
وحقيقة الاستدلال بالإخبار على الإباحة فيه نظر، فكون الشيء سيكون لا يقتضي إباحته إلا إن استند المستدل به إلى التقرير فيقول: أخبر الشارع بأنه سيكون ولم ينه عنه فكأنه أقرّه.
وقال قوم هي حرام، وهذا مروي عن الشيخ أبي نصر المقدسي من الشافعية، واختاره الذهبي [بيان الإلباس (ص 164)]. وأكثر الفقهاء على الكراهة لقول ﷺ:«إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين». [صحيح مسلم (6/ 158)]. ويجاب بأن المقصود ما كان فيه روح لظاهر الروايات، ثم إن حقيقة اللفظ لا تحريم فيها فقوله :(لم يأمرنا) هذا يقتضي أنه ليس بواجب ولا مندوب ولا يقتضي التحريم.
وعن سالم بن عبد الله، قال: «أعرست في عهد أبي فأذن أبي الناس، وكان أبو أيوب فيمن آذنا وقد ستروا بيتي ببجاد أخضر، فأقبل أبو أيوب فدخل فرآني قائما، فاطلع فرأى البيت مستترا ببجاد أخضر، فقال: يا عبد الله أتسترون الجدر؟. قال أبي واستحيى: غلبننا النساء يا أبا أيوب، قال: من خشي أن يغلبنه النساء فلم أخش أن يغلبنك، ثم قال: لا أطعم لكم طعاما ولا أدخل لكم بيتا ثم خرج رحمه الله». [المعجم الكبير للطبراني (4/ 118)]. ورد عليهم أنه لو كان حراما ما قعد الذين قعدوا ولا فعله بن عمر فيحمل فعل أبي أيوب على كراهة التنزيه جمعا بين الفعلين ويحتمل أن يكون أبو أيوب كان يرى التحريم والذين لم ينكروا كانوا يرون الإباحة.
وعن على بن حسين، أن رسول الله ﷺ :«نهى أن تستر الجدر». [السنن الكبير للبيهقي (15/ 39 ت التركي)]. لكنه ضعيف للانقطاع. وعن سعيد بن جمهان قال :«سمعت سفينة يحدث: أن رجلا ضاف علي بن أبي طالب فصنعوا له طعاما، فقالت فاطمة: لو دعونا رسول الله ﷺ فأكل معنا، فأرسلوا إليه، فجاء فأخذ بعضادتي الباب، فإذا قرام قد ضرب به في ناحية البيت، فلما رآه رسول الله ﷺ رجع، فقالت فاطمة لعلي: اتبعه، فقل له: ما رجعك؟. فتبعه، فقال: ما رجعك يا رسول الله؟. قال: إنه ليس لي - أو ليس لنبي - أن يدخل بيتا مزوقا». [مسند أحمد (36/ 251 ط الرسالة)]. ورُد أنه رأى صورا، ثم النبي ﷺ كان بعيدا عن الدنيا وزينتها، ثم ليس في الحديث غير أنه رفض الدخول ولم يأمر بإزالتها.
فظاهر النصوص كراهة اتخاذ هذه الستائر لغير حاجة، وقيل أن العلة في النهي: الاغترار بالدنيا والانغماس في زينتها وقيل التشبه بالجبابرة. راجع:[أخطار تهدد البيوت.المنجد].
المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.