النظر للإباحية كبيرة أم صغيرة؟.

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله وبارك فيكم. تقبل الله منكم صالح الاعمال والطاعات ونفعكم ونفع بكم؛ أحسن الله إليكم شيخنا الحبيب. لا يخفى على فضيلتكم ما يواجهه شباب الأمة من الفتن والمغريات حتى تجد بعضهم مستقيما على الفرائض والنوافل إلا أنه يشاهد الأفلام الإباحية الخليعة الماجنة رغم ما فيها من أضرار، فهل مشاهدتها تعتبر صغيرة ـم كبيرة من مقدمات الزنى؟ وما نصيحتكم للإخوة الذين سقطوا في فخها ؟. أفيدونا بارك الله فيكم.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.

أولا : لا ينبغي الاغترار بهذا التفريق، أي التفريق بين الكبائر والصغيرة، فالصغيرة طريق إلى الكبيرة، وهي طريق استمراء المعاصي، وقد يفعل المرء كبيرة وفي قلبه حسرة وندم، ويفعل آخر صغيرة وهو فرح بها، فيكون الأول أحسن حالا من غيره لخوفه ووجله،  فقد دخلت امرأة النار في هرة، وغفر لرجل لم يفعل خيرا قط، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال :«قال رجل لم ‌يعمل ‌خيرا ‌قط: فإذا مات فحرقوه، واذروا نصفه في البر ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين، فأمر الله البحر فجمع ما فيه، وأمر البر فجمع ما فيه، ثم قال: لم فعلت؟. قال: من خشيتك، وأنت أعلم، فغفر له». [صحيح البخاري (9/ 145)]. فعفا عنه لخوفه.

ثانيا : من العلماء من نص على أن النظر إلى الحرام كبيرة، قال ابن حجر الهيثمي :«الكبيرة الثانية والأربعون والثالثة والأربعون والرابعة والأربعون بعد المائتين: ‌نظر ‌الأجنبية ‌بشهوة مع خوف فتنة». [الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 3)]. وإنما عد هذا من الكبائر عنده لما ورد فيه من وعيد، فقد قال النبي ﷺ:«زنا العين النظر». [صحيح البخاري (8/ 125)]. وما كان هذا إلا فيما كان عظيما، ولا فرق بين الحقيقة والصورة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ :«لا ‌تباشر ‌المرأة ‌المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها». [صحيح البخاري (7/ 38)]. فإن كان هذا في مجرد الوصف، فكيف بالصورة التي توازي الحقيقة؟.  قال ابن القطان الفاسي:«كل ما قلنا: إنه لا يجوز أن ينظر إليه الرجل، أو غيره من عورة أو شخص، فإنه لا يجوز أن ينظر إلى المنطبع منه في مرآة أو ماء أو ‌جسم ‌صقيل .. لأن المرآة قد أدّت إلى الناظر من صفة المنطبع فيها، أكثر مما أدَّته المرأة الواصفة لزوجها امرأة أخرى، فقد حرّم الشرع ذلك، وهو دون هذا». [إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر (ص322)]. ولا شك أن منع وقع في النظر الحرام، سيقع فيما يحلق به بعد تحريك الشهوة.

ثالثا : أما علاج هذا، فليس بأخذ دواء عجيب، وإنما هذا يكون بالحزم والحسم، فتكثر من الدعاء فهو سبيل النجاة، والزواج إن كنت تقدر عليه،  والابتعاد عما يثير الرغبة، والصيام، وملء الوقت بما ينفع، واستحضار أثر المعاصي والذنوب.. وقد يحتاج الأمر إلى علاج سلوكي، فينصح بالرجوع إلى أهل الخبرة.

المجيب : أ.د قاسم اكحيلات.